اليوم تابعت مقابلة جينسن هوانغ – المدير التنفيذي لشركة NVIDIA مع Cleo، ورغم إن المقابلة نزلت قبل حوالي ستة أشهر إلا إنها فعلًا تستحق المتابعة.
الجميل في مقابلات Cleo إنها ما تكتفي بطرح الأسئلة، بل تدرس المجال بتعمق قبل اللقاء، وهذا ينعكس في نوعية الأسئلة المطروحة اللي غالبًا تصب في اهتماماتي: كيف التغيرات التقنية، خصوصًا في مجال الذكاء الاصطناعي، رح تأثر علينا كأشخاص وكيف ممكن نتعامل معها.
من المهم التذكير إن NVIDIA اليوم تعتبر واحدة من أهم الشركات العالمية في تطوير المعالجات، وبالتحديد وحدات معالجة الرسومات (GPU)، اللي تشكّل البنية الأساسية لمعظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة. هذه النقطة لحالها توضح ليش الحديث مع هوانغ مهم جدًا لفهم اتجاهات المستقبل.
اللي لفت انتباهي أكثر في المقابلة هو رؤية هوانغ للعشر سنوات القادمة.
قال إن العقد الماضي كان يتركز على تأسيس الذكاء الاصطناعي وبناء البنية التحتية له، أما العقد المقبل فسيكون حول تطبيقاته واستخداماته العملية. بمعنى آخر، المرحلة الجاية مش بس بحث وتطوير في المختبرات، بل رح نشوف الذكاء الاصطناعي يدخل في حياتنا اليومية بمستويات أعمق.
وتحديدًا، ركّز على الروبوتات باعتبارها المجال الموعود. NVIDIA اليوم تطور منصات مثل Omniverse و Cosmos لتوفير بيئات محاكاة افتراضية متكاملة، بحيث تقدر الروبوتات تتدرب فيها على قوانين الفيزياء والحركة قبل ما تنتقل للتجارب الواقعية. هذا التوجه رح يختصر سنوات من التطوير ويجعل الروبوتات أكثر كفاءة واستعدادًا لدخول السوق والاستخدام اليومي.
أما النقطة اللي شدتني أكثر فهي حديثه عن "الإنسان الخارق". هوانغ يرى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي ما هو استبدال البشر، بل العمل جنبًا إلى جنب معهم. شبّه التجربة بوضعه هو نفسه بين أشخاص أذكى منه بمرات، ورغم ذلك يظل له دور أساسي. الفكرة إن وجود أدوات أو أشخاص "أذكى" ما يعني إلغاء القيمة الإنسانية، بل يرفع من كفاءتها. وبنفس المنطق، الذكاء الاصطناعي بيكون "اليد اليمنى" للإنسان، أداة تعزز قدراته وتفتح آفاقًا جديدة.
وفي موضوع إحلال الوظائف، كانت نظرته مطمئنة وواقعية. نصيحته الواضحة إن المطلوب من كل شخص اليوم مش مجرد استخدام الذكاء الاصطناعي، بل فهمه والتعمق فيه، وبالتحديد تعلم كيفية كتابة Prompts بذكاء ليصبح الفرد "خبيرًا في التفاعل مع الذكاء الاصطناعي". بهذه الطريقة يركز الإنسان على الجوانب المهمة والإبداعية، بينما يتولى الذكاء الاصطناعي المهام الثقيلة والمعقدة.
المقابلة بشكل عام كانت ثرية ومليئة بالأفكار، ونظرة هوانغ واقعية ومتوازنة. صحيح إنه ما تطرق كثيرًا لتفاصيل التحديات والمخاطر مثل تحيز النماذج أو أخطار الأمان، لكنه قدم صورة واضحة عن الاتجاهات الكبرى للسنوات القادمة، وهذا يجعل المقابلة بالفعل تستحق المشاهدة.